22 أبريل 2022 - فتحية بنسليمان - 1صفحة
نشر المعهد العربي لرؤساء المؤسسات مذكرة تحت عنوان "التوجهات الجديدة لما بعد الصراع: تحدّ جديد للصمود" تطرق خلالها الى تداعيات الصراع الروسي-الاوكراني على الاقتصاد التونسي وسبل الخروج من الازمة والحد من تداعياتها1.
اندلعت الازمة بين روسيا واوكرانيا فيما لم يتعافى الاقتصاد العالمي بعد من تاثيرات جائحة كورونا ولم يقع استعادة مستوى انتاجية ما قبل كوفيد 19. وبما أن روسيا واوكرانيا أكبر مصدري المواد الاولية عالميا فإن هذا الصراع أدى الى عرقلة أنظمة الانتاج والمزيد من الصعوبات على مستوى سلاسل التوريد.
تبين المذكرة أن الصمود في مواجهة الصدمة الجديدة في توريد المواد الخام لا يمكن إدارته والتحكم فيه من خلال تدخلات في ميزانية الدولة فقط بل من خلال إعادة تأهيل سلاسل الانتاج وتقليل التبعية للخارج والبحث عن حلول بديلة للتزويد والانتاج.
مع الصعوبات التي تعاني منها تونس على صعيد المالية العمومية وندرة الموارد المالية فإن تنفيذ "برنامج الصمود" سيكون صعب التحقيق والعودة الى معدل نمو سليم شبه مستحيلة الى أن الحل حسب المعهد العربي لرؤساء المؤسسات يكمن في مزيد التنسيق على المستوى الوطني وصياغة وتطوير برامج جهوية تكون حلا للخروج من الازمة.
يعتمد الاقتصاد التونسي بشكل كبير على محيطه الخارجي سواء في التصدير او التوريد وذلك بسبب نظام اقتصادي ضعيف من حيث الاندماج والتكامل. ومن بين الحلول التي يطرحها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات من أجل مواجهة النظام العالمي الجديد إعادة التفكير في العلاقات مع الشريك التجاري الأول, الإتحاد الأوروبي, ومن الضروري أيضا مع بلدان الجوار: ليبيا والجزائر وفق مقاربة أكثر واقيعة وعملية اقتصاديا وسياسيا. حيث يوصي المعهد بإعادة هيكلة الاتفاقيات التجارية المعتمدة خاصة مع اوروبا والجزائر والصين والولايات المتحدة وتركيا بهدف تعزيز الاندماج الاقليمي.
كما يقترح إدراج الروبل واليوان في سلة عملات البنك المركزي مما سيسمح حسب المذكرة للمشغلين التونسيين في قطاع السياحة بشكل اساسي بقبول الدفوعات بهاتين العملتين وستسمح هذه الأموال بدفع وارداتنا من المواد الاولية من هاذين البلدين.
تداول الصحافة التونسية هذه التوصية على أنها سابقة لم يقع التطرق لها في تونس من قبل الا أن التخلي عن الدولار والأورو في المبادلات التجارية مع بعض البلدان على غرار الشقيقة ليبيا هو موضوع وقع التطرق اليه سابقا في نشرة إخبارية عدد 4 للمرصد التونسي للاقتصاد2.
تضمنت النشرة الاخبارية مخرجات الدورة الثالثة لمنتدى الاقتصاد التونسي الليبي التي انتضمنت في شهر نوفمبر من سنة 2021 أهمها العودة لاستعمال الدينار التونسي مقابل الدينار الليبي في المعملات بين البلدين والاستغناء عن العملة الصعبة وأعادة التبادل نفط ليبي مقابل مواد أولية وبضائع تونسية.
العلاقات التجارية بين تونس وليبيا ليست العلاقات الوحيدة التي وقع التوصية بالتخلي عن استعمال العملة الصعبة فيها, نفس الفكرة يقع طرحها في علاقة بالمبادلات التجارية بين تونس والجزائر ومن قبل السلطات الجزائرية ايضا حيث تطرق برنامج التعاون الاقتصادي الجزائري التونسي التي تعمل عليه الهيئة الاستشارية للرئاسة الجزائري للحدّ من التعامل بالعملة الصعبة بين تونس والجزائر3. كما تضمن البرنامج العديد من النقاط الاخرى عالجها المرصد التونسي للاقتصاد في نشرة اخبارية اقتصادية عدد 154.
إذا فإن التقليص من هيمنة هيمنة الدولار والأورو على المبادلات التجارية هي فكرة يقع طرحها وتداولها في السنوات الاخيرة خاصة بين بلدان الجنوب. ومع اتخاذ الرئيس الروسي بوتين إجراءا يقضي بمنع تصدير النفط والغاز الروسيين بالدولار والأورو والزام المستوردين بدفع الثمن بالعملة المحلية الروسية الروبل5 أصبحت الشكوك تحوم حول مدى صلابة الدولار الامريكي وتصدع النظام العالمي الحالي6 مما أدى الى التفكير بالتمرد وتغير القواعد عن طريق التبادل بالعملات المحلية.