Block title
Block content

المدرسة العمومية في تونس بين الالتزامات الدستورية وانتهاكات الحق في التعليم: ألم يحن الوقت من أجل اقتصاد قائم على الحقوق؟

Block title
Block content

يُعد الحق في التعليم من الحقوق الأساسية التي نصّ عليها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهو حق تمكيني جوهري يُساهم في كسر حلقة الفقر والتهميش، ويُعزز المشاركة المجتمعية الفاعلة، كما يُسهم في تمكين النساء وحماية الأطفال من الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي. على المستوى الوطني، يكرّس دستور الجمهورية التونسية لسنة 12022 هذا الحق في فصله 44، حيث ينص على إلزامية التعليم إلى سن السادسة عشرة، ويضمن مجانية التعليم العمومي في كافة مراحله، مع تحميل الدولة مسؤولية توفير الإمكانيات الضرورية لتحقيق جودة التربية والتعليم والتكوين. 

تُلزم هذه التعهدات الدولة باحترام الحق في التعليم وحمايته وإعماله، وذلك من خلال اتخاذ الخطوات اللازمة والفورية لضمان عدم التراجع عن المكتسبات، وعدم التمييز وحشد أقصى ما يمكن من الموارد وتوجيهها لضمان نفاذ جميع الأطفال لهذا الحق. غير أن الواقع العملي يُبرز فجوة كبيرة بين هذه المبادئ الدستورية والإطار الحقوقي الدولي من جهة، وبين واقع التمتع بهذا الحق خاصة في المناطق التي تركز فيها تاريخياً التهميش الاقتصادي من جهة أخرى. 

عبرت مختلف التركيبات المجتمعية، بمختلف التعبيرات، السياسية منها أو الصامتة، عن احتجاجها وعدم رضاها عن تدني مستوى الخدمة العمومية للتعليم، في مختلف أبعادها. عبر المدرسون من خلال التحركات النقابية عن تدهور حالة المدرسة والمدرسين، وعن عدم ملاءمة النظام التعليمي للواقع. وعبر الأولياء عن غضبهم من خلال رفضهم لعودة ابنائهم للمدرسة بسبب اكتظاظ الأقسام2، حالة البنية التحتية المهترئة للمدرسة3 أو بسبب عدم وجود معلمين لبعض المواد. أما التلاميذ، فقد علت أصواتهم عن طريق وسائل التواصل الحديثة، أو تمظهر احتجاجهم من خلال الغياب والانقطاع المدرسي. 

لم تحظ هذه التعبيرات الاحتجاجية بتفاعل جدي من قبل الحكومات المتعاقبة يُترجم إلى سياسات أو خطوط تمويل للإصلاح. إذ أن نسق الإنفاق العمومي على مهمة التعليم انخفض، وبقيت خيارات الاقتصاد الكلي التي تم انتهاجها غير مستدامة، من تداين يكلف الدولة خدمة دين تُقدر ب 30% من الميزانية العامة، وتخفيض في قيمة الدينار، وتجميد الانتدابات والتي مثلت محور الإصلاحات المدفوعة من المؤسسات المقرضة وعصفت بالمقدرة الشرائية للمدرسين والأولياء، وضاعفت الضغط على المدرسة العمومية. كما بقيت الاستثمارات التنموية الهيكلية خاصة في المناطق الداخلية شبه غائبة ممّا يعمّق التفاوت الجهوي في النفاذ إلى تعليم جيد وآمن. 

 إن استمرار حالة اللافعل، أصبحت تدفع المنظومة التربوية يوميا نحو الانهيار الفعلي. شهد التونسيون في الأشهر الفارطة حوادث مأساوية تفضح هشاشة المنظومة والنتائج المؤلمة لتهميش مطالب الأولياء والأسرة المدرسية، على غرار انهيار جدار في معهد ثانوي بمعتمدية المزونة من ولاية سيدي بوزيد والذي أدى إلى وفاة ثلاثة تلاميذ، وحادث النقل المدرسي في منطقة حاسي الفريد من ولاية القصرين، والذي أودى بحياة تلميذ وأدى إلى إصابة أربعة آخرين.  

رغم ذلك، لم تكن الجهود الحكومية كافية أو ناجزة لتقديم حلول جذرية أو تصور إصلاحي شامل يضمن كرامة التلاميذ ووصولهم لتعليم ذي جودة في ظروف آمنة وبدون تمييز.  

في هذا السياق، أصبح من الضروري تفكيك الأسباب الهيكلية على مستوى السياسات العمومية التربوية والاقتصادية التي تعيد إنتاج التهميش. وفتح المجال لتبني مقاربة اقتصادية، تضع تمويل الحقوق محورا لرسم السياسات المالية والاقتصادية.  

تعرف ندى الناشف، نائبة مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان السابقة في بيان ألقته في جوان الماضي، الاقتصاد القائم على الحقوق كاقتصاد "يضع الناس والكوكب في قلب القرارات الاقتصادية ويعتمد التزامات حقوق الإنسان التي وافقت عليها الحكومات كمرجع لتوجيه القرارات المتعلقة بالميزانية والاستثمار بشكل كافٍ في التعليم العام والصحة والحماية الاجتماعية والحقوق الأخرى؛ واتخاذ إجراءات مجدية للحد من أوجه عدم المساواة؛ والامتناع عن تدابير التقشف والتخفيض في الإنفاق الاجتماعي ويحرص على عدم التراجع عن المكاسب في خصوص الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية."4 

في هذا السياق، يقترح المرصد التونسي للاقتصاد اعتماد هذه المقاربة لتحليل واقع النفاذ إلى الحق في التعليم، والتأسيس لتفكير حول كيفية أن يصبح الجدل حول السياسات الاقتصادية والميزانية مدفوعاً بقدرة المالية العمومية على تحقيق أهداف التنمية المستدامة من أجل نفاذ عادل للخدمات العمومية الأساسية وليس التوازن المالي فقط. 

 

لذا يطرح المرصد، انطلاقا من دراسة حالة أعدها حول مستوى التمتع بالتعليم كحق وخدمة عمومية في ولاية القصرين، تحليل نتائج السياسات العمومية للتعليم والتفكير في تمويلها:  

  • * هل كانت السياسات العمومية قادرة على تحقيق الالتزامات الدستورية المحمولة على الدولة لتوفير هذا الحق الأساسي دون تمييز أو تراجع عن المكتسبات في السنوات الأخيرة؟  

  • * ماهي نتائج السياسات العمومية في مجال التربية والتعليم وتأثيرها خاصةً على الوصول إلى الحق في التعليم في المناطق المهمشة؟  

  • * ما مدى نجاعة خطة تمويل التعليم منذ أخر إصلاح تعليمي في 2002؟   

  • * هل تتلاءم الأهداف البرامجية لسياسات التعليم الأساسي المقترحة اليوم، كما تقدمها وثائق وزارة التربية، مع ما يراه عموم الفاعلين من مدرسين وأولياء وتلاميذ كأولوية؟ 

  •  

من خلال النبش في الأرقام والميزانيات، يرنو المرصد للوقوف على واقع الانتهاكات التي يعيشها التلميذ التونسي والصعوبات التي يعيشها المتدخلون في العملية التربوية، في المناطق المهمشة على وجه الخصوص والتطرق إلى الأسباب الهيكلية التي تختفي وراء تهميش الحق في التعليم. 

كما يهدفإلى خلق مساحة للتفكير الجماعي والنقاش البنّاء تجمع بين ممثلي المجتمع المدني، والنقابات التعليمية، والباحثين، والخبراء في الشأن الاجتماعي والتربوي حول الآليات السياساتية لحل الإشكاليات البنيوية التي تعيد إنتاج التهميش في مجال التربية والتعليم. 

 

الأهداف: 

  • * عرض نتائج دراسة حالة حول الحق في التعليم في ولاية القصرين، تكشف الخروقات والاختلالات الهيكلية في القطاع. 

  • * فتح حوار بين مختلف الأطراف المتدخلة (وزارة التربية، نقابات، مجتمع مدني، إعلام، خبراء...) حول التحديات التي تواجه قطاع التعليم في الجهات. 

  • * تقييم السياسات العمومية للتربية والتعليم على ضوء الالتزامات الدستورية والقانونية 

  • * الدفع نحو الترفيع في ميزانية وزارة التربية في إطار مراجعة شاملة لأولويات المالية العمومية، من أجل قوانين ميزانية تقلص الفوارق الجهوية في الوصول الآمن والمجاني للحق في التعليم وللخدمات التربوية. 

  • * بناء شبكة دعم وطنية تضم فاعلين من المجتمع المدني، وأولياء، ونقابات، وباحثين تكون قوة اقتراح حول آليات إعمال الحق في التعليموتمويله.  

 

نرجو منكم تأكيد مشاركتكم عبر التسجيل في هذا النموذج.

https://forms.office.com/r/xsKuutd0dR 

 

سنقوم بنشر برنامج الفعالية قريبًا ندعوكم للبقاء على اطلاع عبر موقعنا وصفحاتنا الرسمية 

 

 

التفاصيل

التاريخ: 
الاثنين, يونيو 30, 2025 - 09:00 to 16:00

ولا تزال حلقة العمل التعاونية جارية